الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أظن أن مهاجمة العدو الخارجي قبل تحصين الجبهة الداخلية، أسرع طريق للانهيار الذاتي.
كيف تتحرش بالعدو الخارجي، وأنت محكوم بسلطة مهلهلة الشرعية، تخالفك الرأي، وتجانب سبيلك فكرا وممارسة؛ ومن خلفك طابور خامس ينتظر الفرصة المثالية للانقضاض عليك؟
إن الاستدلال بإنفاذ أبي بكر رضي الله عنه جيش أسامة، رغم انتقاض قبائل العرب، على مشروعية التحرش بدولة اليهود قبل استقرار الدولة وتوضح معالمها، محل نظر، لما يلي:
- ما وقع زمن أبي بكر رضي الله عنه كان تطبيقا لنص شرعي. فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أمر بخروج جيش أسامة رضي الله عنه، ولم يرد عنه ما يفيد نسخ الحكم بوفاته عليه الصلاة والسلام. فمن يستطيع اليوم أن يدعي أنه يطبق نصا صريحا كهذا؟
- بعد النقاش أجمع الصحابة على إنفاذ الجيش. فصار إجماعهم حجة شرعية تؤكد العمل بالنص المشار إليه آنفا. فأين الإجماع على فعل اليوم؟
- إنفاذ جيش أسامة كان – بمفاهيم الاستراتيجية العسكرية – عملا صحيحا نافعا، لأنه يدل على قوة الدولة، وعدم تأثر هيبتها بوفاة قائدها صلى الله عليه وسلم. فمن يزعم اليوم – من العقلاء - أن الزحف إلى تخوم دولة اليهود عمل نافع من الناحية الاستراتيجية؟
- الدولة الإسلامية كانت قائمة، بأمير وجيش ومؤسسات، وإنما انتقضت أطراف الدولة في حركة تمردية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. فأبن الدولة الإسلامية والجيش المسلم اليوم؟
وبعد هذا فنقول: إن المطلوب المحافظة على جذوة القضية مشتعلة في قلوب المسلمين، وتركيز الجهود على إقامة دولة - إلا تكن إسلامية خالصة - فلا أقل من أن تكون عادلة، مستقرة، قوية، ''متماهية'' مع تطلعات الشعوب، والتي من أهمها: تحرير فلسطين.
أنصبر ستين عاما، ويعوزنا الصبر بضعة أشهر؟
Enregistrer un commentaire