يعد علم الصرف من أهم علوم اللغة، وأعظمها شأنا، لأنه متعلق بدراسة بنية الكلمة العربية قبل تركيبها. ولا شك أن هذا مقدم على دراسة الكلام حال التركيب.
ومع ذلك فإن اهتمام الطلبة بهذا الفن قليل، والأخطاء الشائعة فيه كثيرة لا تحصى.
ومن أمثلة ذلك الأخطاء الواقعة في تصريف بعض الأفعال المشهورة التي يكثر استعمالها في المنطوق والمكتوب.
فيقع الخلط مثلا بين تصريف الفعل الناقص المعتل الآخر بالياء، والمعتل الآخر بالألف.
فالأول مثل نسِي وخشِي ورضِيَ وما أشبهها، والثاني مثل رمَى وسعَى وقضَى وأضرابها.
فتقول (وأكتفي بالمواضع التي يقع فيها الإشكال والخطأ):
نسِـيتُ / نسِيَتْ / نسِيا / نسُـوا / نسِـينَ الخ
وفي القرآن الكريم (نسُوا الله فنسِيَهم).
وتقول:
رمَـيْتُ / رمَتْ / رمَـيا / رمَوْا / رمَـين
فمن الأخطاء الشائعة قول القائل مثلا: (نسَوْني ونسَيتُ وقضُوا وقضِيتُ الخ).
ومن ذلك قولهم مثلا (المسلمون صلُّوا الظهرَ) بضم اللام، والصواب بفتحها (صلَّوْا). أما (صلُّوا) بالضم فهي أمر للجماعة، تقول: (أيها المسلمون: صلُّوا الصلواتِ في أوقاتها).
ومن الدقائق التي لا يتفطن لها كثير من المتكلمين أن بعض الأفعال تأتي على (فعِل وفعَل) ولكن باختلاف المعنى. فحدث عن الخبط ولا حرج!
من ذلك: رقِيَ يرقَى بمعنى صعِد، ورقَى يرقِي من الرقية. قال ابن المرحل رحمه الله:
وقد رقَيت رقية هذا الصبي = أرقيه من عينٍ ولسع عقرب
وقد رقِيتُ طالعا في السلّم = أرقَى رُقِيّا أي صعِدتُ فاعلمِ
ومثل ذلك أسَى الجرح أصلحه وأسِيَ على ما فات حزن. وروَى الحديث يرويه، وروِيَ من الماء يروَى.
وعلى العموم فالكلام في هذا الموضوع طويل الذيل عظيم النفع وإنما ذكرت منه ما خطر الآن ببالي.
وأنصح نفسي وإخوتي وأخواتي من طلبة العلم بالبعد عن العامية في الكتابة والنطق، فإنها تقتل الذوق العربي، وتمنع الذهن من تفهم مثل هذه اللطائف التي تعج بها الفصحى. كما أنصح بعدم الترخص في الكلام، وعدم اتباع لغات العوام، وهذيان وسائل الإعلام. وأنصح أخيرا بالحرص على تعلم علوم العربية من نحو وصرف ولغة وبلاغة وعروض وهجاء وأدب.
والله الموفق.

Post a Comment

Plus récente Plus ancienne