القصص القـــرآني الكريــــم سورة البقرة

قصة موت وبعث عزير عليه السلام بعد 100 عام

وردت هذه القصة في سورة البقرة- آية رقم 259, قال الله عزوجل:

أو كالذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها, فأماته الله مائة عام ثم بعثه, قال كم لبثت, قال لبثت يوما أو بعض يوم, قال بل لبثت مائة عام فانظر الى طعامك وشرابك لم يتسنه, وانظر الى حمارك ولنجعلك آية للناس, وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما, فلما تبيّن له قال أعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير

القرية المنهارة هي التي مرّ عليها عزير عليه السلام هي بيت المقدس, والزمن في عهد الملك البابلي بختنصر الذي مرّ على هذه القرية وفام بتخريبها وهدمها على من فيها شرّد بني اسرائيل حادثة سبي بابل وتشريد بختنصر لبني اسرائيل, وقتل جميع من فيها من جراء هدمها فوق رؤوسهم, وهذه الحادثة عرفت بسبي بابل, ولم يقم أحد باعادة القرية الى ما كانت عليه قبل السبي, فلما مرّ عليها عزير عليه االسلام وجدها خاوية من الناس, وبيوتها ساقطة السقوف والجدران.

انّ عزير عليه السلام كان عبدا مخلصا صادقا حكيما ورعا من عباد الله الصالحين, نشأ في بني اسرائيل وكان معروفا بينهم بحفظه للتوراة التي أنزلت على موسى عليهما السلام عن ظهر قلب.وعزير عليه السلام شأنه شأن أولياء الصالحين الذين المؤيدين بنصر الله , وكان يملك حديقة غناء من الثمار والفاكهة من خير الله ونعيمه.ذات يوم وفي صباح أحد الأيام الباكرة وقبل طلوع الشمس خرج من بيته قاصدا بستانه, وكعادته ركب حماره ومعه زوادته اليومية من طعام وشراب وفاكهة.

وما أن وصل بستانه حتى نزل حتى نزل من على حماره وربطه الى وتد في الأرض,ثم شمّر عن سواعد الجدّ وبدأ يعمل في أرضه حتى اذا حان وقت الغداء ركن الى ظل أحد الأشجار الوارفة ومدّ زوادة طعامة وجلس ياكل مما رزقه الله, , وهو في هذه الأثناء يقه بصره على أرض خربة مجاورة لبستانه وقد تهدمت جدرانها وتناثرت من حولها العظام البالية التي طفت فوق التراب من أمامه, فنظر الى العظام البالية مليا وقد تجلت في نفسه قدرة الخلاق العليم وتساءل في نفسه بشيء من التيه والاعجاب : كيف يحيي الله هذه الأرض وأمواتها الذين دفنوا تحت ترابها بعد موتها, لم يتساءل تكبرا وعنادا وكفرا وانما كان تساؤله يدور حول قدرة الله في كيفية احيلءه للموتى.. وهو في هذه الأثناء أرسل الله تعالى اليه ملك الموت عليه السلام كي يعلمه من علم الله الأزلي بالكيفية, فقبض روحه, وأماته الله مائة عام ومن ثم بعثه من جديد على نفس الهيئة التي مات عليها, وفي نفس المكان أيضا.

ولكم أن تتخيلوا خلال المائة عام كم من أجيال من بني اسرائيل تموت وكم تولد وكم من معالم تتبدّل وتتغيّر.
لقد كان بعث عزير عليه السلام على الكيفية التي تتناسب مع عقل الانسان كي يتقبّل غيابه عن مكان قرنا كاملا من الزمن, وأول شيء أحيا الله تعالى فيه عينيه لينظر بهما الى صنع الخلاق العليم فيه, فلما استقل سويا ورأى الشمس تميل نحو الغروب, ظنّ أنه لم ينم كثيرا, ذلك أنّ عزير عليه السلام كان قد هيأ نفسه لقيلولة بعد تناول الغداء, وما دامت الشمس لم تغب كليا بعد, فهذا يعني أنه لم ينم كثيرا, مع أنّ المكان من حوله والقرية الخربة قد عمرت وباتت آهلة بالسكان, وقد ذكر العلماء أن الله تعالى عمّر القرية بعد موته ب 70 عاما.

انّ الملك الذي أرسله الله تعالى اليه كان قد حرّك قلبه وعينيه, ثمّ عظامه وكسها لحما وجلدا, ثم كساه شعرا, ثمّ نفخ فيه الروح, فاستوى في جلسته يفرك عينيه ويتمطى, عندها سأله الملك عليه السلام: كم لبثت... في مقامك هذا؟
نظر عزير عليه السلام الى ظل الشمس وقال: لبثت يوما... وعندما نظر الى الشمس ووجدها لا تزال قائمة لم تمل نحو أفق المغيب بعد, قال: أو بعض يوم.
أجابه الملك عليه السلام: بل لبثت مائة عام.
أجابه عزير عليه السلام باستغراب: مائة عام!!!!!

اجل مائة عام, ورغم ذلك فانّ طعامك وشرابك بقي على حاله لم يفسد ولم يأسن ولم يتعفّن, فألقى عزير عليه السلام نظرة على قصعته فاذا عصير العنب كما هو, واذا الخبز الجاف لا يزال جافا لم يبتل, ,اخذ الاعجاب في قلبه يسمو ويرتقي ويحلق, وهو في اعجابه قال له الملك عليه السلام: وانظر الى حمارك, فالتفت عزير عليه السلام نحو مربط الحمار فاذا هو كتلة من عظام نخرة, فراح رأسه يتردّد بين القصعة وما فيها من عصير وخبز جاف, وبين رميم العظام, ثم يرتفع ببصره الى السماء في خشوع وضراعة, فقال له الملك عليه السلام: انها ارادة الحق المبين ولنجعلك آية للناس تدفع باطل المبطلين, وكفر الكافرين فيؤمنون بالله رب العالمين.

وليس هذا فقط بل: وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما, أي كيف نرفعها فيركب بعضها على بعض كل مفصل في المكان الذي كان عليه.

ثمّ نادى ملك الموت عليه السلام على عظام الحمار, فأجابت ولبّت, وتجمعت هيكلا عظميا, ثم زودها بالعروق والأعصاب, ثم كسى عليها اللحم, ثم أنبت عليها الجلد والشعر, ثم نفخ فيها بأمر الله تعالى فقام الحمار رافعا رأسه وأذنيه الى السماء ناهقا, وأمام هذا المشهد العظيم الدال على قدرة الخلاق العليم الذي أحسن كل شيء خلقه لم خرّ عزير عليه السلام ساجدا لله تبارك وتعالى, وما أن رفع رأسه من السجود حتى وجد الملك عليه السلام وقد غاب عنه.قام عزير عليه السلام من مكانه, فركب حماره وغادر بستانه عائدا الى بيته وهو مستنكرا لكل شيء يصادفه في طريقه, يستنكر أردية الناس ووجوههم ومظاهر حياتهم, وهم أيضا يستنكرون شكله وهيئته, نعم انها مقارنة بين جيلين ما بينهما مائة عام, وانطلق على وهم منه حتى أتى مسكنه فاذا بعجوز عمياء مقعدة كانت أمة لزوجته, ودار بينهما الحوار التالي بدؤه عزير السلام قائلا لها:
يا هذه! أهذا منزل عزير؟ نعم! هذا منزل عزير, ثم بكت وانتحبت, وأردفت تقول لتبرر له سبب بكائها واتحابها: ما رأيت أحدا منذ عشرات السنين يذكر عزيرا, لقد نسيه الناس.

يا أمة الله! أنا عزير, لقد أماتني الله مائة عام ثم بعثني.فارتجفت العجوز على ضعفها, وارتعدت فرائصها على نحولها, وتململت في مكانها وكأنها غاضبة من سخريته بها وانفجرت قائلة به: يا سبحان الله! انّ عزيرا فقدناه منذ مائة سنة, ولم نسمع له بذكر, كفى استهزاء يا هذا؟ ان كنت عزير كما تقول فلعزير كانت له دعوة مستجابة فادعو الله أن يكشف عني بصري فأراك فأعرفك..
فتمتم كلمات خفية ثم مسح عليه السلام بيده الكريمتين على بصرها لتبصر باذن الله, وقال لها: قومي باذن الله, ولم يكشف الله لها بصرها فحسب بل عافاها من كل عاهة ابتليت بها , وما أن نظرت اليه حتى قالت: أشهد أنك عزير, وانطلقت به لتوها الى مجلس الناس حيث كان ابنه هناك, فقالت العجوز جملة أذهلت الجميع لسماعها قائلة: هذا عزير قد جاءكم, فانتفضوا مذعورين وقالوا قولة رجل واحد: ماذا تقولين أيتها العجوز الخرفة؟ وبماذا تهذين؟ عزير مات قبل مائة عام..
فقالت: ألم تروني مبصرة وراجلة وقد كنت عمياء وكسيحة القدمين؟ لقد أذهلتهم المفاجأة من أن يتنبهوا للعجوز وما كان بها من عاهات, فأطرقوا قليلا ثم قالوا: ان كنت صادقة أيتها العجوز فيما تقولين فعزير كان يحفظ التوراة عن ظهر قلب: دعيه يتلوه لنا.. فان فعل:نؤمن بما تقولين. ثم تقدّم ابنه وقد بلغ من العمر مائة عام يتوكأ على عصاه فقال: انّ أبي كان له بين كتفيه شامة سوداء وما أن كشف عزير عليه السلام عن كتفيه فاذا بالشامة في مكانها فضمّه ابنه اليه وبدأ يلثم يديه أمام دهشة الحاضرين.بقي ان نعرف شيئا وهو أنّ الله تعالى حينما قبض عزير عليه السلام كان عمره خمسون عاما, وكانت امرأته حاملا, وعندما بعثه الله عزوجل بعد مائة عام بعثه على هيئته أي وله من العمر خمسون عاما ليجد ابنه وقد بلغ من العمر مائة عام, وبذلك كان ابنه يكبره بخمسين عاما.

لأجل هذه المعجزة الالهية والتي بني اسرائيل لم يستوعبوها حق الاستيعاب فقد نسبوا اليه الألوهية فعظموه تعظيم الاله , ,اشركوا بالله العظيم عندما قالوا عنه أنه ابن الله سبحانه وتعالى عما يشركون, وهذا ما تجلى في قوله تبارك وتعالى:
وقالت اليهود عزير ابن الله, وقالت النصارى المسيح ابن الله, ذلك قولهم بأفواههم, يضاهئون قول الذين كفروا من قبل, قاتلهم الله أنى يؤفكون سبحانك اللهم وبحمدك عما يشركون ووتعاليت ربنا عما يصفون , وتعالى الملك الحق عن ذلك وعلا علوا كبيرا, لا اله الا أنت سبحانك عما يشركون, تعالى اسمك وتبارك جدك وتقدّست وتنزّهت عن الشركاء والنظراء والأعوان والأضداد والأولاد لا اله الا أنت ولا ربا نعبده سواك, لا اله الا أنت سبحانك فاغفر لنا, لا اله الا أنت سبحانك فارحمنا, لا اله الا أنت سبحانك فتب علينا, ربّ اغفر وارحم وتجاوز عمّا تعلم, انك أنت الأعزّ الأكرم, لا اله الا أنت سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب اليك, فاغفر لنا وارحمنا وتب علينا وأمتنا مسلمين موحدين وألحقنا بالصالحين, انك على ماتشاء قدير وبالاجابة أنت يا مولانا جدير, عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير, ولا اله أنت وحدك لا شريك لك, لك الملك ولك الحمد, وأنت على كل شيء قدير, اللهم أحينا وأمتنا وابعثنا على هذه الشهادة, يا أرحم الراحمين.
قصة موت وبعث عزير عليه السلام بعد 100 عام
 

Post a Comment

Plus récente Plus ancienne