هذا كتاب كتبه فيلسوف امريكي يدعى اريك هوفر سنة 1951 فهو كتاب قديم مضى على تاليفه 70 عاما و لكن ملاحظاته قابلة للتطبيق نوعا ما حتى اليوم فهو يحلل الحركات الجماهيرية في عصره من نازية و شيوعية و صهيونية و يلاحظ ان هناك قاسما مشتركا بين كل الحركات الجماهيرية مهما كانت عقيدتها سواء دينية او قومية او وطنية او يمينية او يسارية او ليبرالية فهو يلاحظ ان هذه الحركات تولد في الظروف الصعبة و في الازمات و الثورات و الحروب و انها تحمل احتقارا للحاضر و نزوعا نحو الماضي مهما كان توجهها و انها جميعا تعطي اتباعها الامل في المستقبل لذلك تفشل في التصدي لها الاحزاب السياسية العقلانية و النقابات الواقعية و ان اتباعها المتوقعين هم المنبوذون في المجتمع و هم الفقراء خاصة حديثي او محدثي الفقر ( بينما الفقراء بالوراثة عادة يكونون خانعين و ليسوا ثوريين) و المعدمون الذين لا يكون عندهم ما يخسرونه و الفقراء الاحرار و الفقراء المبدعون المحبطون و المترابطون ( بينما الانعزاليون لا يكونون ثوريين في الحقيقة) ايضا العاجزون عن التاقلم مع المجتمع هم اكثر الناس انضماما الى الحركات العقائديةو الانانيون انانية مفرطة (الانتهازيون) و الطموحون طموحا غير محدود ( اصحاب الافكار المثالية ) و افراد الاقليات الذين يحسون بالغربة و الاضطهاد و الملولون من حياتهم و يريدون التغيير ( كالعاطلين و العانسات الخ) و مرتكبو المعاصي الذين يريدون التطهر من خطاياهم

يضيف الكاتب ان الانضمام الى هذه الحركات العقائدية تتطلب النزوع الى العمل الجماعي و التضحية بالنفس و ان العوامل التي تشجع هذا النزوع متنوعة منها التماهي مع المجموع و احتقار الذات و الخيال ( مسرحة الحياة ) حيث ان المناضل في هذه الحركات يحس حياته مسرحية مليئة بالرموز و المعاني و احتقار الحاضر و شيطنته و العقيدة و الجنوح نحو التطرف و مانوية النظرة نحو الاشياء ( اما ابيض او اسود) ثم ان هذه الحركات تشبه الجيوش في انضباطيتها و طاعتها للاوامر و تضحيتها بنفسها فداء لما تؤمن به

اما العوامل التي تشجع النزوع نحو العمل الجماعي فهي كراهية الاخر و شيطنته و التقليد و الاقناع و القهر ( الدعاية و العقوبات التي تفرض الانضباط الذاتي الحزبي) و الرغبة في الدعوة و التبشير و الولاء الاعمى للقيادة و الشك في الاخرين

يردد الكاتب تقسيم مراحل الحركة الجماهيرية من النشأة حتى تسلم السلطة فيختصرها في ثلاثة مراحل تذكرنا بمقولة ان الثورات يخطط لها العباقرة و ينفذها المجانين و يحصد ثمارها الانتهازيون فالحركة الجماهيرية في رايه تمر بمرحلة النشأة و التخطيط و رجال هذه المرحلة هم رجال الكلمة ثم المرحلة الديناميكية يعني مرحلة النشاط العملي و رجالها المتطرفون ( المؤمن الصادق) ثم مرحلة الانتصار و خمول الحماسة و رجال هذه المرحلة هم الرجال العمليون

بالنظر الى هذه الافكار نرى ان تونس مرت الى المرحلة الثالثة للثورة غير ان البيئة خصبة و مناسبة لنشوء الحركات الجماهيرية العقائدية من حيث كثرة عدد الفئات التي تصنف ضمن الاتباع المتوقعين في المجتمع و بالنظر ايضا الى الظروف الاجتماعية و الاقتصادية كذلك بالنسبة للعالم العربي ككل مع اضافة الظروف السياسية

Post a Comment

أحدث أقدم