هاريس: عائدات الاستثمارات المستدامة توازي عائدات الاستثمارات العادية بل تفوقها (Getty)
قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للتنمية الاقتصادية، إليوت هاريس، في تصريحات لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك: "إن عائدات الاستثمارات المستدامة (في الشركات التي تستخدم طاقة نظيفة أو خضراء مثلاً) في البورصات (الدولية) يمكن مقارنتها بعائدات الاستثمارات غير المستدامة أو العادية، وحتى يمكن القول إنها تفوقها. هناك تصور راسخ أنه يمكن الاستثمار بشكل مستدام أو بالطريقة التقليدية، وأن الطريقة التقليدية ستعطي فوائد أعلى من الاستثمارات المستدامة. أصبح مع الوقت هذا غير صحيحاً". وأضاف: "إضافة إلى أنها ستولد عوائد مالية جيدة وصحية للغاية؛ فإن الاستثمارات المستدامة تتمتع بميزة إضافية تتمثل في المساهمة في تعزيز الاستدامة الأكبر على المدى الطويل، والتي تعد بحد ذاتها شكلاً من أشكال العائد الذي يناسب الصحة العامة لحافظة الاستثمارات لأي مستثمر أو مؤسسة، ويمكن أن يساهم فيها". وجاءت تصريحات الخبير الاقتصادي الأممي خلال مؤتمر صحفي عقده مع الرئيسة التنفيذية لبورصة جوهانسبرغ للأوراق المالية، ليلى فوريي، للصحفيين المعتمدين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وجاء المؤتمر الصحفي على هامش اجتماع عقده الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، مع رؤساء تنفيذيين ومدراء لثلاثين شركة من القطاع الخاص بغية تسريع وتقديم الاستثمارات المهمة من أجل عالم مستدام، خالٍ من الانبعاثات، ومرن وعادل. ويأتي هذا الاجتماع ضمن خطة أطلقها غوتيريس عام 2019، أنشأ خلالها تحالفاً عالمياً يضم وكالات الأمم المتحدة و30 من رؤساء ومدراء شركات القطاع الخاص العملاقة حول العالم، في محاولة "لتحرير وتوجيه تريليونات الدولارات من القطاع الخاص نحو تمويل أهداف التنمية المستدامة". وأُنشئ التحالف تحت تسمية "التحالف العالمي للمستثمرين أجل التنمية المستدامة" (GISD)، وتصل قيمة الشركات الثلاثين إلى 16 ترليون دولار أميركي. كما يأتي التحالف، بحسب الأمم المتحدة، "جزءاً من استراتيجية غوتيريس لتمويل خطة التنمية المستدامة... ويهدف إلى الاستفادة من أفكار قادة القطاع الخاص في تنفيذ الحلول الممكنة لإزالة العوائق التي تقف أمام تعبئة الموارد المالية والاستثمارية من أجل التنمية المستدامة".
وأضاف هاريس: "هناك جانب مهم من العمل الذي يقوم به "التحالف" (فيما يخص الاستثمار بأهداف التنمية المستدامة في الشركات في البورصات الدولية)، وهو زيادة الوعي بحقيقة أننا لا نطلب من المستثمرين القيام بعمل (باستثمارات في البورصة) لا تمثل مصالحهم. ولا يوجد أي ضرر يمكننا ملاحظته بهذا السياق. ومرة أخرى فإن ذلك يسمح من خلال الاستثمارات بالمساهمة بمستقبل إيجابي، وهذا يتيح الاستمرار وجني الأرباح في المستقبل".
أما الرئيسة التنفيذية لبورصة جوهانسبرغ للأوراق المالية، ليلى فوريي، فقد قالت رداً على سؤال آخر لـ"العربي الجديد" حول الدور الذي يمكن أن يلعبه مستثمرو التجزئة في البورصات الدولية للضغط على الشركات الكبيرة لتغيير سياساتها نحو استثمارات خضراء واستثمارات في بقية أهداف التنمية المستدامة؛ "هناك عدد من المنصات والسبل التي تمكن المستثمر (في بورصة الأوراق النقدية) من أن يكون له رأي في هذه العملية". وأضافت شارحة: "لاحظت في الأشهر الثمانية عشر الماضية، ولا سيما بسبب أزمة كورونا إضافة إلى أنه أصبح التأثير (السلبي) لأفعالنا على البيئة (التغير المناخي) واضحاً؛ لاحظت زيادة في نسبة مالكي الأسهم، النشطاء، من مستثمري التجزئة (أفراد) الذين ليس لديهم استثمارات ضخمة، لكنهم استخدموا منصات عديدة للدعوة لمزيد من الشفافية والانفتاح في الكشف عن مبادرات التنمية المستدامة".
ولفتت فوريي الانتباه كذلك إلى أن "التحالف" سيطلق صندوق نقد متداول في البورصة (ETF)، وهو منتج يمثل فعلياً سلة من الأوراق المالية من الشركات الصفرية (صفرية الانبعاثات) الصافية". وقالت إن ذلك الصندوق سيطلق في بورصة نيويورك وبورصة أخرى، دون أن تحدد تاريخاً لذلك. وأكدت إن ذلك سيسمح بالاستثمار بشركات التنمية المستدامة دون الحاجة لإجراء البحوث الأساسية المتعلقة بالتحقق من تطور تلك الشركات بشكل مستدام، ويشكل فرصة هائلة لمستثمري التجزئة والمؤسسات الاستثمارية على حد سواء. ولفتت الانتباه إلى هناك وعي أكبر في الفترة الأخيرة كذلك من قبل العاملين في الشركات والزبائن من أجل الضغط على الشركات لتكون أكثر شفافية فيما يخص استثماراتها. ثم أشارت إلى قضية مهمة تتعلق بتتبع كبار مديري الأصول على المستوى العالمي ورصدهم لتاريخ عائدات الشركات المستدامة. وقالت: "إن هناك الآن ما يكفي من التاريخ بحيث أصبح واضحاً أن الشركات المستدامة أقل عرضة للاضطرابات الحادة، كشركات النفط مثلاً في حال تسرب نفط أو كوارث بيئية أخرى".
Enregistrer un commentaire