يبدو أن الانسجام بين أطراف تشكيل ائتلاف حكومي ألماني قد انتهى (Getty)

يبدو أن الانسجام بين أطراف تشكيل ائتلاف "إشارات المرور" الحكومي، والذي يضم "الاشتراكي الديمقراطي" و"الخضر" و"الليبرالي الحر"، قد انتهى، والأجواء غير مشجعة بين الأطراف الثلاثة. يأتي ذلك، بعد أن عبر حزب "الخضر" أخيراً عن استيائه على الملأ، من أنه يفتقد إلى ما يصبو إليه في القضايا الرئيسة التي تهم البلاد.

وعلى الرغم من أن مجموعات العمل حاولت بجدٍّ، وقبل انطلاق المفاوضات، تقديم مقترحات خاصة للحلول المطلوبة في العديد من القطاعات، ضمن 22 مجموعة عمل تضم 300 سياسي متخصص، حتى أنه دار حديث عن إمكانية أن تبدأ الحكومة الجديدة عملها في الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل؛ فإن تقارير إعلامية تفيد بوجود تنافر وتوترات بين ممثلي الأحزاب في المفاوضات، وبالأخص حول ملفات حماية المناخ والضرائب.

وفي السياق، أبرزت صحيفة "دي تسايت" أن الحزب البيئي غير راضٍ عن مسار المحادثات مع "الاشتراكي" و"الليبرالي الحر"، وبيّنت أن المدير التنفيذي للخضر ميشائيل كيلنر، قال في رسالة لحزبه ورئاسة الكتلة البرلمانية، إن "مفاوضات الائتلاف المحتمل تشهد تقدماً ضئيلاً للغاية من حيث جوهر المحتوى، وأنه فيما يتعلق بحماية المناخ على وجه الخصوص، لا تزال النتائج غير واضحة للغاية، ولسوء الحظ، لا تزال الورقة الاستكشافية تفتقر إلى الوضوح".

وفي خضم ذلك، تتمحور النقاط الخلافية الأساسية في مفاوضات الائتلاف حول كيفية تمويل خطط المناخ والعدالة الاجتماعية، في ظل مواصلة "الليبرالي الحر" رفض الزيادات الضريبية، وهو الواثق من مشاركته كقوة ثالثة وشريك ثابت في أي ائتلاف حكومي مستقبلي، وإذا ما ثبت أن زعيمه كريستيان ليندنر، هو الذي يقدر الأحجام والأثمان؛ فعندئذ سينتهي الانسجام عاجلاً أم آجلاً بالنسبة لحزب "الخضر".

وحيال ذلك، دعا الزعيم المشارك للخضر روبرت هابيك، في حديث مع قناة "أر تي إل" التلفزيونية، لاتخاذ المزيد من الخطوات الواضحة فيما يتعلق بحماية المناخ، مؤكداً أنه مع كل يوم وكل شهر يمر؛ يصبح تحقيق الأهداف المناخية غير واقعي، وليس هناك من بديل سوى التخلص التدريجي من الفحم في أسرع وقت ممكن.

من جهتها، قالت شريكته في قيادة الحزب أنالينا باربوك، والتي رشحها الخضر لمنصب مستشارة مع بدء الحملة الانتخابية، مع راديو "أر بي بي": "لم نصل بعد إلى حد يمكننا من القول إننا سنكون قادرين على تحقيق ائتلاف حكومي كما هو مخطط له نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، الأمور لا تزال مفتوحة على جميع الاحتمالات"، قبل أن تستدرك قائلة: "لا يمكننا أن نقول متى سيكون اتفاق الائتلاف جاهزاً لأننا لا نرى حتى الآن أنه يمكننا أن نعتبر أننا انتهينا من المواضيع الأساسية".

في المقابل، اعتبرت رئيسة حكومة ولاية راينلاند بفالس المنتمية إلى "الاشتراكي"، مالو دراير، أن مفاوضات الائتلاف ستستمر بشكل إيجابي، موضحة في حديث مع المجلة الصباحية للقناة التلفزيونية الألمانية الثانية "زد دي إف"، أنه من الطبيعي تماماً أن يشعر أحد الأطراف بالرضا أو الاستياء أثناء المفاوضات.

وفي تعليق على ما يخيم من مناكفات بين المفاوضين لتشكيل تحالف "إشارات المرور"؛ أشارت "زود دويتشه تسايتونغ"، إلى أن "الخضر"عمد إلى سحب الكوابح بعد فترة مغازلة، ليس فقط بسبب حجم المهمة؛ لكن بعدما تبين أنه لا يكفي أن تعلن أنك شريك حكومي مستقبلي بصوة سيلفي ممتعة وسط الحديث عن النقص في الجوهر.. والتغيير الذي وعد به الحزب البيئي سواء في حماية المناخ أو الرقمنة لن ينجح بالنوايا الحسنة، والتحديث المطلوب إذا ما حصل سيكون مكلفاً وسينتج عنه خاسرون، فضلاً عن تنازلات مريرة للأطراف الثلاث.

علاوة على ذلك، فإن اختلال التوازن الاستراتيجي المتزايد بين الأطراف؛ يرجع إلى أن "الاشتراكي" ومرشحه المحتمل لمنصب المستشار، شولز، يستخدم طريقة ميركل في المفاوضات، أي الاستماع أولاً وترك الآخرين يتحدثون، وفي النهاية يوجهون القرارات صوبهم، وقد يكون ذلك فيه من الذكاء والحمكة من الناحية التكتيكية؛ لكن التباطؤ الحاصل لا يقدم شيئاً للمحادثات، ويضع "الخضر" أمام طريق مسدودة، ويتعين الآن على شولز أن يبتكر شيئاً ما، لتحريك عملية التفاوض قدماً. أما مجموعة "فونكه" الإعلامية، فأشارت إلى أنه من المهم أن يكون جميع المعنيين على يقين بأنهم سيكونون قادرين على تلبية احتياجات ناخبيهم في الحكومة المقبلة.

وتجدر الإشارة إلى أن كتل العمل التي تقوم بعملية التفاوض تنقسم إلى سبع مجموعات، أهمها تلك التي تناقش دورالدولة الحديثة والرقمنة، إلى جانب حماية المناخ، والحرية والأمن، والشؤون الخارجية والدفاع، والمالية العامة.


Post a Comment

Plus récente Plus ancienne