التوحيد، هو حق الله على العبيد، وهو أول ما دعا إليه الرسل، وبه كل كتاب نزل، وهو أصل الأصول، والطريق للوصول، وبه عرف المعبود، وعمر الوجود، ولأجله أعدت الجنة والنار، وسل السيف البتار، وقوتل الكفار.
ولإقامته في الأرض دعت الأنبياء، وعلمت العلماء، وقتل الشهداء، وهو أول مطلوب، وأعظم محبوب، وهو أشرف المقاصد، وأعذب الموارد، وأجل الأعمال، وأحسن الأقوال.
ولما قال الصدّيق في الغار، لسيد الأبرار، لو نظر أحدهما لرآنا ولسمعنا، قال :  ] لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [، إنما قال ذلك بلسان الموحد، وقد سدد بتوفيق الله وأيد .
ولما قيل لفرعون، قل لا إله إلا الله، تلعثم الحمار وتعثر، فدس أنفه في الطين وتدثر . وقيل لأبي لهب قل لا إله إلا الله، قال الخسيس، أبى علي الجليس، والأخ الرئيس، إبليس.
للتوحيد منبر، ومخبر ومظهر، ومسك وعنبر .
فمنبره القلب، إذا أخلص للرب، ومخبره النيات الصالحات، ومظهره عمل بالأركان، وخدمة للديان، ومسكه الدعاء والأذكار، وعنبره التوبة والاستغفار .
للتوحيد عين وبستان، وحرس وسلطان، وسيف وميدان .
فعينه النصوص الواضحة، وبستانه الأعمال الصالحة، وحرسه الخوف والرجاء، وسلطانه واعظ الله في القلب صباح مساء، وسيفه الجهاد، وميدانه حركات العباد .
وللتوحيد قضاة وشهود، وأعلام وجنود، وحدود وقيود .
فقضاته الرسل الكرام، وشهوده العلماء الأعلام، وأعلامه شعائر الدين، وجنوده فيلق من الموحدين، وحدوده ما جاء به الخبر، وصح به الأثر، وقيوده ما ورد من شروط، للتوحيد المضبوط .
وقد أوصى صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل، أن يكون أول ما يدعو إليه توحيد الله عز وجل . وكان يبدأ بالتوحيد خطبه، ويخط به كتبه، ويدعو إليه ليلاً ونهارا، وسراً وجهارا .

Post a Comment

Plus récente Plus ancienne