يرفع كثير من دعاة الإصلاح المعاصرين شعار الرفق مع المخالف، واللين في مخاطبته، وضرورة تغليب جانب القواسم المشتركة معه، على مواطن الخلاف.
وهذه - في الجملة - قواعد محمودة في تأسيس الخطاب الدعوي الناضج.
ولكن يشتد أسفي، حين أرى أنهم لا يطبقون - في الغالب - هذا الشعار إلا مع النصارى أو العلمانيين أو الملاحدة أو أصحاب البدع المغلظة. وأما مع من يخالفهم الرأي من العلماء وطلبة العلم والدعاة، فما هناك إلا الإنكار والغلظة والجفاء، بل الاستهزاء والتحقير.
بل صار بعضهم يتعمد ذلك لينأى بنفسه عن هؤلاء المصنَّفين ضمن لوائح ''المتزمتين والرجعيين''، وليظهر أمام المحاور بمظهر ''المتفتح المتنور'' الذي يستهزئ بالظلامية، ويستنكر الانغلاق.
إنك يا هذا حين تقدم تلك الأخوة الإيمانية التي تربطك بهؤلاء العلماء والدعاة، قربانا على هياكل الحوار والدعوة والتقريب، لا تعدو أن تكون ممن يفرط في المتيقن لجلب الموهوم، ويهدم الأصل ليبني الفرع.
فاحذر هذه المداخل الإبليسية، فقد سبقك إلى هذه السبيل أقوام، فما نصروا الدين، ولا قمعوا الملحدين.
إرسال تعليق