إذا رأيت السحاب الأسود المترع بالماء يغطي السماء، فإنك تتوقع هطول المطر – بإذن الله – بعد مدة وجيزة. وليس ذلك من علم الغيب أو الكهانة المذمومة شرعا، وإنما هو تطبيق لما تقرر من اطراد السنن الكونية.
لكن التوقع في مجال السياسة كما يمارسه من يعرفون بالمحللين والخبراء، لا يعدو في حقيقته أن يكون ضربا من الكهانة، أو نوعا من التخليط لأكل أموال الإعلاميين بالباطل.
وإلا فمن كان يتوقع قبل شهرين تقريبا أن تقوم الشعوب العربية من رقدتها، كالسيل الجارف؟
ولو فرضنا – تنزلا - أن بعضهم توقع ذلك، فهل كان سيتوقع حدوثه في تونس، التي كانت تعد واحة الرخاء الاقتصادي، والاستقرار الاجتماعي في بلاد المغرب العربي؟
ثم لو فرضنا أن بعضهم توقع ذلك في تونس ومصر خصوصا، هل كان يستطيع أن يتوقع سقوط النظام بعد أيام معدودات؟
ثم نحن الآن في قلب أحداث ليبيا، من يستطيع من المحللين أن يتنبأ بما سيقع؟ هل سيتنحى القذافي وزمرته، أم سيقتل، أم ينتحر؟ وإن تنحى فمن سيخلفه؟ أم لعله سيصمد شهورا أخرى و تتوقف المظاهرات، وتخمد شرارة الثورة - لا قدر الله؟
لا يمكن لأحد أن يتوقع في أحداث السياسة الكبرى شيئا ذا بال. وما أكثر ما تضيع أوقاتنا في الاستماع لتحليلات المحللين، ونبوءات الخبراء الاستراتيجيين!

Post a Comment

أحدث أقدم