الكلمة الواحدة يلفظها شخصان متفاوتان في الخصال والأوصاف، يكون وقعها شديد التباين، وأثرها عظيم الاختلاف.
طبقت هذه القاعدة على كلمة (فهمتكم!) التي اشتهر بها في الأسابيع الماضية رئيس تونس الهارب. وهو إنما سرقها – على العادة المطردة لدى نخبنا السياسية والثقافية – من قائد فرنسي شهير، هو الجنرال دوجول. وكان هذا الأخير، قد ألقى هذه الكلمة بالفرنسية (Je vous ai compris) في مستهل خطاب له بالجزائر سنة 1958، في عز الأزمة الجزائرية، يخاطب بها جمعا من أهالي الجزائر، من المسلمين ومن ذوي الأصول الفرنسية.
لكن شتان ما بين الرجلين!
فقد كان الجنرال الفرنسي صارما في لهجته، قويا في شخصيته، حازما في قراراته.
أما ذنَبه التونسي، فقد كان بضد ذلك كله.
ولكنه أبى إلا أن يفضح نفسه بأن يقلد - وهو في النزع الأخير من حكمه - رجلا كان في ذروة مجده السياسي.
وللناس فيما يعشقون من التقليد مذاهب!
إرسال تعليق