كان أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك يطواف في الكعبة فلم انتهي

من طوافه مال علي رجل من خاصته وقال :
أين صاحبكم ؟ يقصد عطاء بن أبي رباح
فقال : إنه هناك قائم يصلي
وأشار إلي الناحية الغربية من المسجد الحرام
فاتجه الخليفة ومن ورائه ولداه إلي حيث أشير إليه
وهم رجال الحاشية بأن يتبعوا الخليفة ليفسحوا له الطريق
ويدفعوا عنه أذي الزحام فثناهم عن ذلك وقال :
هذا مقام يستوي فيه الملوك والسوقة
ولا يفضل فيه أحد أحد
ا إلا بالقبول والتقوي
ورب أشعث أغبر قدم علي الله فتقبله بما لم يتقبل به الملوك
ثم مضي نحو الرجل فوجده ما يزال داخلا في صلاته غارقا في ركوعه
والناس جلوس وراءه وعن يمينه وعن شماله
فجلس حيث انتهي به المجلس وأجلس معه ولديه
فظل الفتيان يتأملان ذلك الرجل الذي قصده أمير المؤمنين
وجلس مع عامة الناس ينتظر فراغه من صلاته
فإذا بشيخ أسود البشرة أفطس الأنف
فلما انتهي الرجل من صلاته فحياه سليمان فرد التحية
وهنا أقبل عليه الخليفة وجعل يسأله عن مناسك الحج منسكا
منسكا وهو يفيض بالإجابة عن كل مسألة لا يدع سبيلا لمستزيد
ولما انتهي قال له الخليفة جزاكم الله خيرا
فقال لولديه قوما ومضي نحو المسعي وسمع الفتيان المنادين :
يا معشر المسلمين لا يفتي الناس في هذا المقام إلا عطاء
فإن لم يوجد فعبد الله بن أبي نجيح
فالتفت أحد الغلامين إلي أبيه وقال :
كيف يأمر عامل أمير المؤمنين الناس بألا يستفتوا أحد غير عطاء وصاحبه
ثم قال : جئنا نحن نستفتي هذا الرجل الذي لم يأبه للخليفة ولم يوفه حقه من التعظيم
فقال سليمان لولده : هذا الذي رأيته يا بني ورأيت ذلنا بين يديه
هو عطاء بن أبي رباح صاحب الفتيا في المسجد الحرام
ووارث عبد الله بن عباس رضي الله عنه في هذا المنصب الكبير
ثم أردف يقول : يا بني تعلموا العلم "" فبالعلم يشرف الوضيع
وينبه الخامل , ويعلو الأرقاء علي مراتب الملوك
لم يكن سليمان مبالغا فيما قاله فقد كان عطاء في صغره مملوكا
المصادر
الطبقات لا بن سعيد
حلية الأولياء
صفة الصفوة
صور من حياة التابعين
العلماء بين المحن وابتلاءات

Post a Comment

Plus récente Plus ancienne